يا طبطب ....و دلع : هذا هو العنوان الذي يحمله أحدث ما ظهر من أغاني المطربة الغنية عن التعريف ، نانسي عجرم . و طبعا ، سوف لن يمضي وقت طويل حتى تسري هذه الأغنية - مثل سائر أغاني نانسي - على لسان معظم صبايا و فتيان المدارس في عالمنا العربي . سيدندن بها الصغار في رياض الأطفال و هم يرقصون طربا على ايقاعها بحركات بريئة تأتيها أجسادهم الغضة ، كما سيشذو بكلماتها و ألحانها من هم أكثر يفاعة بدءا من طور الابتدائي و حتى مرحلة الجامعة مرورا حتميا بالثانوي ، و هؤلاء جميعا أحرص على الاتقان عند الأداء و أخلص و أوفى لكل تفاصيل " الكليب " الأصلي .
لا تحرص الجماهير الكثيفة من تلامذة المدارس على حفظ أغاني نانسي فقط ، بل معظم أغاني المشاهير من المطربين و المطربات ، و ان كانت الموضة هذه الأيام لنانسي دون سواها .
انني أتعجب دائما من القدرة الفائقة لطلبة المدارس على ترديد الأغاني عن ظهر قلب و من حرصهم على دقة و تجويد الأداء . انهم يؤدون أغانيهم بحروفها و كلماتها ، بألحانها و أشجانها ، بآهاتها و رناتها ، بايقاعها و رقصاتها ، لا يخطئون و لا يترددون و لا يتلعثمون : الكلمات في مكانها ، و النغمات تنساب في محلها ، و الرقص و التمايل محاكاة تامة لحركات المطرب(ة) الحقيقي(ة) لا تكاد تحيد عنها قيد أنملة.
لكن حال هؤلاء التلاميذ ينقلب رأسا على عقب عندما يطلب منهم مدرسوهم مثلا استظهار بضع قواعد أساسية في الرياضيات أو بعض أبيات من محفوظة شعرية أو معلومة تاريخية رئيسة أو شيئ مما له علاقة بالمقرر الدراسي . هنا ، في هذا الموقف ، تتحول الطلاقة و العفوية و البساطة المألوفة عندهم لدى الغناء الى تعثر و تلعثم و تردد و تعسر و تصنع ثم عجز عن الاتيان بالمطلوب .
لماذا اذن يتقن الكثير من التلاميذ و الطلاب غناءهم و يعجزون عن اتقان واجباتهم المدرسية ؟ لماذا يستطيعون حفظ الأغنيات ؟ و يتعثرون في حفظ و استيعاب ما هو أساسي في دروسهم ؟
قد تقف وراء ذلك أسباب كثيرة شخصية و موضوعية ؛ منها ما يتعلق بميولات التلميذ ذاته و استعداداته الفطرية و مواهبه الفنية ، و منها ما يتصل بمناهج و طرق التدريس التي قد تكون باعثة على الملل و النفور لدى الطالب ، و منها أيضا ما يمس طبيعة أداء بعض المدرسين التي قد تبغض المتعلمين في التحصيل و تحبب اليهم كل ما عداه .
و لكن أهم تلك الأسباب في رأيي هو الأثر البالغ الذي تحدثه قنوات التلفزيون المختلفة في عقول الناشئين ، انها تقصفهم يوميا بعدد لا حصر له من الفيديو كليبات المغرية ، وتدفعهم دفعا ، عبر الاعلانات الجذابة ، الى متابعة مسابقات مثل ستار أكاديمي توفر لها كل سبل الابهار و البهرجة ، و هي تكثر من اجراء المقابلات مع المغنين و المغنيات دون غيرهم من أفراد المجتمع ، و تبالغ في ذلك الى حد ايهام الشباب بأن هؤلاء هم النموذج و المثال الذي ينبغي أن يحتذى . بل اننا نجد صور " الفنانين " و " الفنانات " على الكراريس المدرسية دون صور العلماء و المخترعات . أضف الى ذلك السهرات المنظمة صيفا و شتاء ، في الحفلات الخاصة و العامة ، و التسجيلات المبثوثة مدار اليوم على أمواج الاذاعات المتخصصة و غير المتخصصة ، و أبواق باعة الشرائط و الأقراص التي تصدح بالليل و النهار .
يحدث كل هذا بينما تتوارى البرامج الجادة ، و لاسيما ذات الطبيعة التعليمية و التثقيفية ، الى الوراء ، و لا تحضر الا خلال مدد زمنية قصيرة و بأساليب باهتة و ضعيفة و خالية من التشويق و القدرة على التأثير .
ان هذه الأجواء جعلت من التلميذ(ة) المراهق(ة) كائنا رداحا مداحا ، ما أن يسمع طنة أو رنة حتى يشرع في التمايل و التراقص يمنة و يسرة ، و لو لم يتبين بعد كيف هو اللحن .
أمام هذا الوضع الذي طغى فيه اقبال التلاميذ على الغناء و تأثرهم بالمغنين ، يوشك المرء أن يقترح على وزارات التربية و التعليم العربية التعاقد مع مشاهير الطرب لتسجيل المقررات الدراسية على شكل فيديو كليبات ليسهل على الملايين من ناشئتنا فهمها و ترديدها و استيعابها ؛ و هكذا ، بدلا من أن تغني نانسي عجرم " آه....و نص " تطربنا بأغنية " واحد....و نص " تكون درسا في قواعد الحساب ، و بدلا من " يا طبطب....و دلع " تقول " يا مكعب....و مربع " درسا آخر في الهندسة......
فما رأيكم ؟
لا تحرص الجماهير الكثيفة من تلامذة المدارس على حفظ أغاني نانسي فقط ، بل معظم أغاني المشاهير من المطربين و المطربات ، و ان كانت الموضة هذه الأيام لنانسي دون سواها .
انني أتعجب دائما من القدرة الفائقة لطلبة المدارس على ترديد الأغاني عن ظهر قلب و من حرصهم على دقة و تجويد الأداء . انهم يؤدون أغانيهم بحروفها و كلماتها ، بألحانها و أشجانها ، بآهاتها و رناتها ، بايقاعها و رقصاتها ، لا يخطئون و لا يترددون و لا يتلعثمون : الكلمات في مكانها ، و النغمات تنساب في محلها ، و الرقص و التمايل محاكاة تامة لحركات المطرب(ة) الحقيقي(ة) لا تكاد تحيد عنها قيد أنملة.
لكن حال هؤلاء التلاميذ ينقلب رأسا على عقب عندما يطلب منهم مدرسوهم مثلا استظهار بضع قواعد أساسية في الرياضيات أو بعض أبيات من محفوظة شعرية أو معلومة تاريخية رئيسة أو شيئ مما له علاقة بالمقرر الدراسي . هنا ، في هذا الموقف ، تتحول الطلاقة و العفوية و البساطة المألوفة عندهم لدى الغناء الى تعثر و تلعثم و تردد و تعسر و تصنع ثم عجز عن الاتيان بالمطلوب .
لماذا اذن يتقن الكثير من التلاميذ و الطلاب غناءهم و يعجزون عن اتقان واجباتهم المدرسية ؟ لماذا يستطيعون حفظ الأغنيات ؟ و يتعثرون في حفظ و استيعاب ما هو أساسي في دروسهم ؟
قد تقف وراء ذلك أسباب كثيرة شخصية و موضوعية ؛ منها ما يتعلق بميولات التلميذ ذاته و استعداداته الفطرية و مواهبه الفنية ، و منها ما يتصل بمناهج و طرق التدريس التي قد تكون باعثة على الملل و النفور لدى الطالب ، و منها أيضا ما يمس طبيعة أداء بعض المدرسين التي قد تبغض المتعلمين في التحصيل و تحبب اليهم كل ما عداه .
و لكن أهم تلك الأسباب في رأيي هو الأثر البالغ الذي تحدثه قنوات التلفزيون المختلفة في عقول الناشئين ، انها تقصفهم يوميا بعدد لا حصر له من الفيديو كليبات المغرية ، وتدفعهم دفعا ، عبر الاعلانات الجذابة ، الى متابعة مسابقات مثل ستار أكاديمي توفر لها كل سبل الابهار و البهرجة ، و هي تكثر من اجراء المقابلات مع المغنين و المغنيات دون غيرهم من أفراد المجتمع ، و تبالغ في ذلك الى حد ايهام الشباب بأن هؤلاء هم النموذج و المثال الذي ينبغي أن يحتذى . بل اننا نجد صور " الفنانين " و " الفنانات " على الكراريس المدرسية دون صور العلماء و المخترعات . أضف الى ذلك السهرات المنظمة صيفا و شتاء ، في الحفلات الخاصة و العامة ، و التسجيلات المبثوثة مدار اليوم على أمواج الاذاعات المتخصصة و غير المتخصصة ، و أبواق باعة الشرائط و الأقراص التي تصدح بالليل و النهار .
يحدث كل هذا بينما تتوارى البرامج الجادة ، و لاسيما ذات الطبيعة التعليمية و التثقيفية ، الى الوراء ، و لا تحضر الا خلال مدد زمنية قصيرة و بأساليب باهتة و ضعيفة و خالية من التشويق و القدرة على التأثير .
ان هذه الأجواء جعلت من التلميذ(ة) المراهق(ة) كائنا رداحا مداحا ، ما أن يسمع طنة أو رنة حتى يشرع في التمايل و التراقص يمنة و يسرة ، و لو لم يتبين بعد كيف هو اللحن .
أمام هذا الوضع الذي طغى فيه اقبال التلاميذ على الغناء و تأثرهم بالمغنين ، يوشك المرء أن يقترح على وزارات التربية و التعليم العربية التعاقد مع مشاهير الطرب لتسجيل المقررات الدراسية على شكل فيديو كليبات ليسهل على الملايين من ناشئتنا فهمها و ترديدها و استيعابها ؛ و هكذا ، بدلا من أن تغني نانسي عجرم " آه....و نص " تطربنا بأغنية " واحد....و نص " تكون درسا في قواعد الحساب ، و بدلا من " يا طبطب....و دلع " تقول " يا مكعب....و مربع " درسا آخر في الهندسة......
فما رأيكم ؟