ما عادت لغتنا العربية تفهم كما كانت تفهم في السابق لدى معظم التلاميذ، بل حتى لدى طلاب الجامعة، فصاروا يجهلون أغلب معاني كلماتها.
ويمكن من هنا أن نتصور محنة أستاذ النصوص العربية القديمة مع طلبته...!!
وكيف تؤثر فيهم تلك اللغة العربية وهم بالكاد ينطقون حروفها، أو يتهجونها تهجئة الغرباء المبتدئين، وينفرون منها، ويستثقلون موادها وملقنيها؟؟!!...
وصار أكثرهم يحس عند تعلمها كأنه شخص غريب عنها، أو كأنها غريبة عنه، مثله مثل أي شخص أجنبي يتعلم اللغة العربية أول مرة، بل ليته كان مثله في شغفه ورغبته!!.
وأصعب شيء على التلميذ أو الطالب أن تواجهه بنص أدبي تراثي، سواء في شعره الموزون، أو في نثره الفني المتوازن المتناسب في جمله وفواصله.
ثم من يقرأ ذلك الشعر الصافي السلس الخالي من النتوءات، أو النثر الفني الخصب الراقي المتنوع في أساليبه؟! ومن يرشد إليهما بعدما تهنا جميعا في أودية السراب والاستلاب، إلا من حماه الله وأخذ بيده.
وقد صار القابض على التراث - اليوم - كالقابض على النار، أو قل: صار كالغريب بين الأهل والأقارب!!.
بل، والأخطر من هذا كله أن جل شبابنا صاروا من أصحاب (التشات) والدردشة و(البلوتوث) و(المسنجر)، ولم تعد لهم صلة كبيرة بمواقع الفكر والثقافة، على كثرتها، وعلى علاتها.
وقد جهل كثير منهم أو تجاهلوا تماما أن هناك لوحة للمفاتيح العربية، فأخذوا يكتبون كلامهم الغث الركيك كله بحروف لاتينية وأرقام حسابية؛ فحل رقم 2 محل الهمزة، و3 محل العين، و7 محل الحاء، و9 محل القاف وهكذا ....
كنا- زمانا- نعيب دعوة الشاعر اللبناني سعيد عقل عندما طالب بكتابة القصيدة العربية المنثورة بحروف لاتينية في النصف الثاني من القرن الماضي، وثارت حوله الشبهات وقامت الأرض ولم تقعد من جانب الغيارى والقائمين على شأن اللغة في ذلك الوقت!!.
وقد تكون تلك دعوة مبررة في زمنها، وفي بلد كلبنان منفتح متحرر ومتعدد الديانات والقوميات واللغات، وفي سياق حمى التجديد الشعري لذلك الجيل الأدبي الذي كان يبشر بميلاد قصيدة النثر.
ولكن، من يقدر الآن أن يمنع أو يرفع صوته أو حتى أن يعيب الأمر على أجيال كاملة هجرت الحرف العربي الجميل خطا وشكلا ونقطا ؟؟!!...
لا أعتقد أن شابا إسبانيا أو فرنسيا أو روسيا يجرؤ على كتابة كلامه بغير لغته؟ وهل رأى أحدكم في قناة غربية أو في صفحة إلكترونية أجنبية كلاما مكتوبا بحروف عربية؟! إلا أن يكون ذلك من باب التعمية أو السخرية؟!!....
***********
كتبه : عبداللطيف المصدق
في مدونة كلمات عابرة
ويمكن من هنا أن نتصور محنة أستاذ النصوص العربية القديمة مع طلبته...!!
وكيف تؤثر فيهم تلك اللغة العربية وهم بالكاد ينطقون حروفها، أو يتهجونها تهجئة الغرباء المبتدئين، وينفرون منها، ويستثقلون موادها وملقنيها؟؟!!...
وصار أكثرهم يحس عند تعلمها كأنه شخص غريب عنها، أو كأنها غريبة عنه، مثله مثل أي شخص أجنبي يتعلم اللغة العربية أول مرة، بل ليته كان مثله في شغفه ورغبته!!.
وأصعب شيء على التلميذ أو الطالب أن تواجهه بنص أدبي تراثي، سواء في شعره الموزون، أو في نثره الفني المتوازن المتناسب في جمله وفواصله.
ثم من يقرأ ذلك الشعر الصافي السلس الخالي من النتوءات، أو النثر الفني الخصب الراقي المتنوع في أساليبه؟! ومن يرشد إليهما بعدما تهنا جميعا في أودية السراب والاستلاب، إلا من حماه الله وأخذ بيده.
وقد صار القابض على التراث - اليوم - كالقابض على النار، أو قل: صار كالغريب بين الأهل والأقارب!!.
بل، والأخطر من هذا كله أن جل شبابنا صاروا من أصحاب (التشات) والدردشة و(البلوتوث) و(المسنجر)، ولم تعد لهم صلة كبيرة بمواقع الفكر والثقافة، على كثرتها، وعلى علاتها.
وقد جهل كثير منهم أو تجاهلوا تماما أن هناك لوحة للمفاتيح العربية، فأخذوا يكتبون كلامهم الغث الركيك كله بحروف لاتينية وأرقام حسابية؛ فحل رقم 2 محل الهمزة، و3 محل العين، و7 محل الحاء، و9 محل القاف وهكذا ....
كنا- زمانا- نعيب دعوة الشاعر اللبناني سعيد عقل عندما طالب بكتابة القصيدة العربية المنثورة بحروف لاتينية في النصف الثاني من القرن الماضي، وثارت حوله الشبهات وقامت الأرض ولم تقعد من جانب الغيارى والقائمين على شأن اللغة في ذلك الوقت!!.
وقد تكون تلك دعوة مبررة في زمنها، وفي بلد كلبنان منفتح متحرر ومتعدد الديانات والقوميات واللغات، وفي سياق حمى التجديد الشعري لذلك الجيل الأدبي الذي كان يبشر بميلاد قصيدة النثر.
ولكن، من يقدر الآن أن يمنع أو يرفع صوته أو حتى أن يعيب الأمر على أجيال كاملة هجرت الحرف العربي الجميل خطا وشكلا ونقطا ؟؟!!...
لا أعتقد أن شابا إسبانيا أو فرنسيا أو روسيا يجرؤ على كتابة كلامه بغير لغته؟ وهل رأى أحدكم في قناة غربية أو في صفحة إلكترونية أجنبية كلاما مكتوبا بحروف عربية؟! إلا أن يكون ذلك من باب التعمية أو السخرية؟!!....
***********
كتبه : عبداللطيف المصدق
في مدونة كلمات عابرة